كيف تحولت نبوءات آخر الزمان إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟

كيف تحولت نبوءات آخر الزمان إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟

في قلب الصراع المستمر في الشرق الأوسط، تتداخل السياسة والدين بشكل معقد، مما يجعل من المهم فهم كيف يؤثر هذا التداخل على الأحداث الجارية، خاصة في غزة. إن الصهيونية المسيحية، التي تُعتبر أحد العوامل الرئيسية في دعم إسرائيل، ليست مجرد فكر ديني بل هي حركة تمتد جذورها عبر التاريخ، وقد تحولت إلى أداة سياسية في العصر الحديث. لنستكشف كيف يمكن أن تكون هذه النبوءات دافعًا للحرب وكيف تؤثر على الفلسطينيين.

الصهيونية المسيحية: جذور تاريخية

تعود جذور الصهيونية المسيحية إلى القرن السابع عشر في أوروبا، بعد الثورة التي قادها مارتن لوثر. كان البروتستانت المتشددون يؤمنون بأن عودة اليهود إلى فلسطين ضرورية قبل عودة المسيح. لم يكن هذا مجرد تصور ديني بل كان مرتبطًا بالمشاريع الاستعمارية التي سعت للسيطرة على الأراضي المقدسة.

نابوليون بونابرت، الذي قاد حملة على مصر وبلاد الشام، كان من أوائل من تبنى هذا الفكر. لكن الفكرة لم تمت، بل تطورت في بريطانيا مع اللورد آرثر بلفور، الذي أصدر وعده الشهير عام 1917 بإنشاء وطن قومي لليهود. كان بلفور يؤمن بأن تحقيق النبوءات يستوجب دعم المشروع الصهيوني.

الصهيونية المسيحية في العصر الحديث

مع توسع النفوذ الأمريكي، انتقلت الصهيونية المسيحية إلى واشنطن، حيث تبنتها الحركات الإنجيلية التي أصبحت تمتلك نفوذًا هائلًا في السياسة. في الستينيات، بدأ القساوسة الإنجليون مثل جيري فالويل وبات روبرتسون بالترويج لفكرة أن قيام إسرائيل هو شرط لخلاص العالم.

هذا التوجه جعل الدعم الأمريكي لإسرائيل ليس مجرد تحالف استراتيجي، بل التزامًا دينيًا لا يمكن التراجع عنه. في سفر حزقيال وسفر دانيال، هناك نبوءات تتحدث عن معركة فاصلة تسبق نهاية العالم، مما جعل الصهيونية المسيحية تفسر هذه النصوص كأدلة على ضرورة دعم إسرائيل.

الصراع في غزة: أكثر من مجرد صراع عسكري

ما يجري في غزة ليس مجرد حرب مصالح ونفوذ، بل هو جزء من مخطط ديني يرى أن المعركة هناك تمهيد لنهاية العالم. الصهيونية المسيحية لا تؤمن بحل الدولتين، ولا ترى للفلسطينيين أي حق في الأرض، حيث أن النبوءات تقول إن الأرض كلها يجب أن تكون في يد إسرائيل.

هذا الفكر جعل من غزة آخر نقطة مقاومة في مشروع إسرائيل الكبرى، مما يفسر الأسباب وراء استمرار الحرب. هناك اعتقاد راسخ بأن الحروب في الشرق الأوسط هي إرادة إلهية، وأي محاولة لإيقافها تُعتبر معارضة للمشيئة الربانية.

الخطاب السياسي والديني

الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، أثناء غزوه للعراق عام 2003، قال للرئيس الفرنسي جاك شيراك إنه يؤمن بأنه في معركة ضد قوى الشر، وأنه مكلف بمهمة إلهية. هذا التعبير عن القناعة الدينية يوضح كيف أن الحروب في الشرق الأوسط تُعتبر ضرورة لتحقيق النبوءة.

الرئيس السابق دونالد ترامب أيضًا تبنى هذا الفكر، حيث أعلن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وسط احتفالات ضخمة من القادة الإنجليين، الذين وصفوه بالمبعوث الإلهي لإكمال الخطة. هذا الدعم لم يكن مجرد قرار سياسي، بل كان جزءًا من رؤية دينية عميقة.

المجازر في غزة: رؤى مختلفة

عندما تتحول النبوءات إلى سلاح، تصبح المجازر مجرد خطوة على طريق الخلاص المزعوم. لا ينظر القادة الدينيون إلى المجازر في غزة كأفعال وحشية، بل كجزء من الخطة المقدسة. هذا يشير إلى أن الخطابات الدبلوماسية والمجاملات السياسية لا تفيد في مواجهة هذه العقيدة الإجرامية.

جون هاجي، أحد أبرز زعماء الصهيونية المسيحية في أمريكا، قال بوضوح: "لا يمكن أن تكون مسيحيًا حقيقيًا دون دعم إسرائيل". هذا الدعم لا يقتصر على المواقف السياسية، بل يمتد إلى تشجيع الحروب باعتبارها وسيلة لتعجيل النهاية الكبرى.

تحالف الصهيونية اليهودية والمسيحية

التحالف بين الصهيونية اليهودية والمسيحية ليس مجرد زواج مصلحة، بل هو تحالف عقائدي. الإسرائيليون يرون في هذا الدعم فرصة لتحقيق أهدافهم التوسعية، بينما يرى الصهاينة المسيحيون في إسرائيل أداة لتنفيذ مخططهم الديني.

في خضم هذا الصراع، لا قيمة للقانون الدولي ولا لقرارات الأمم المتحدة، حيث أن هذه العقيدة تجعل من الإبادة أمرًا مقبولًا في إطار تحقيق النبوءات. لهذا السبب، لا تتوقف الحرب، لأن إسرائيل تريدها، ولا تتحرك أمريكا لوقفها، لأنها جزء من خطة كبرى.

مقاومة الفلسطينيين: الطريق إلى العدالة

في وجه هذه العقيدة الإجرامية، لا تنفع الخطابات الدبلوماسية، بل يجب أن تكون هناك مقاومة تحمل عقيدة ربانية تقيم الحق والعدل. الفلسطينيون يؤمنون بعدالة قضيتهم وحقهم في الأرض، ويتطلب الأمر من الجميع أن يقفوا إلى جانبهم.

إنها ليست مجرد حرب، بل هي صراع بين مشروع استعماري يتغطى بالدين ومقاومة تؤمن بحقها. التاريخ لا تكتبه النبوءات، بل يكتبه المؤمنون بربهم وحقهم في أرضهم.

في النهاية، يجب أن نتذكر أن الحقائق على الأرض تتطلب منا تفكيرًا عميقًا وفهمًا شاملاً للصراع، وأن نعمل نحو تحقيق العدالة والحرية لجميع الشعوب في المنطقة.

Made with rauya24 using كيف تحولت نبوءات آخر الزمان إلى سلاح ضد الفلسطينيين؟

Comments